«INRA»: هكذا تحارب الحشرة الأخطر على الزيتون

في المغرب تتمدد زراعة أشجار الزيتون على مساحة تقدر بنحو 1,2 مليون هكتار، مع مساحة منتجة تزيد عن 900 ألف هكتار، بينما يسجل إنتاج الزيتون معدلا سنويا يفوق 1,3 مليون طن، لكن وإن ثبت لشجرة الزيتون لعبها دورا اجتماعيا واقتصاديا في المملكة، فإن شبح ذبابة شجرة الزيتون Oleae Bactrocera يحوم حولها، مهددا بتقويض الإنتاج والإجهاز على محاصيل مزارعي الزيتون.
فما تكون ذبابة شجرة الزيتون؟
بالعودة إلى دراسة أنجزها “المعهد الوطني للبحث الزراعي”، لرصد مخاطر ذبابة الزيتون، وسبل مكافحتها، يمكن الوقوف على أنها “أهم آفة تصيب محاصيل الزيتون في مجموع دول حوض البحر الأبيض المتوسط، وهي تسبب خسائر اقتصادية كبيرة، في حال عدم مكافحتها، خاصة وأنها تصيب ثمار الزيتون بالأساس”.
الدراسة المنجزة من طرف “يامنة أكاس”، الباحثة الزراعية في “المعهد المعروف اختصارا بـ”INRA”، تكشف أن ذبابة الزيتون لا تستثني أي صنف من أصناف الزيتون، كما أن خطرها محذق بجل مناطق زراعتها، فضلا عن كونها تستهدف بالأساس الأصناف، ذات الثمار الكبيرة المتوفرة على لب كبير، كما أن هذه الحشرة تفضل الأشجار ذات الثمار الكبيرة الحجم سواء بسبب اختلاف النضج أو الفارق في كمية الثمار المتوفرة على كل شجرة.
ورصدت الدراسة التي جعلها “المعهد الوطني للبحث الزراعي”، رهن إشارة مزارعي ومنتجي الزيتون، أطوار نمو الحشرة التي تدعى علميا بـ” Oleae Bactrocera”.
أطوار نمو حشرة ” Oleae Bactrocera”
– ذبابة الزيتون البالغة: تتميز بلونها الكستنائي الأصفر، وأجنحتها الشفافة التي توجد عليها بقعة سوداء على الزاوية الخارجية للجناح، والتي قد يصل طولها إلى 5 ملم والتي يوجد في نهاية بطنها العضو المسؤول عن وضع البيض.
– البيض: ذو اللون الأبيض الشفاف والشكل المستطيل.
– اليرقات: ذات الشكل الأسطواني، المدببة من طرفها الأمامي والعريضة من الخلف. لا تتوفر اليرقات على أرجل، وهي ذات لون أبيض مائل الى الصفرة، قد يصل طولها ما بين 7 الى 8
ملم.
– الشرانق: وهي أسطوانية الشكل، وذات لون بني مائل الى الصفرة، وبطول يصل الى 4 ملم.
دورة حياة ذبابة الزيتون..
وفق الدراسة الصادرة عن “المعهد الوطني للبحث الزراعي”، تقوم أنثى حشرة ذبابة الزيتون، مباشرة وعلى عمق 1 ملم في قشرة ثمرة الزيتون، بغرز العضو المسؤول عن وضع البيض والمتواجد في نهاية البطن، وذلك بوضع تجويف مائل توضع بداخله بيضة واحدة.
وبعد عملية التفقيس أي فترة الحضانة والتي تمتد من يومين إلى أربعة أيام تخرج اليرقات لتتغذى طوال عمرها اليرقي على لب ثمار الزيتون، لتنتقل فيما بعد إلى النواة دون الوصول إليها، مما يحدث تجاويف تنتهي بغرف صغيرة داخل ثمرة الزيتون.
وبخصوص مرحلة اليرقات فإنها تدوم من 10 إلى 14 يوما، تمر خلالها اليرقات بثلاث مراحل إذ تتحول اليرقات بعد ذلك إلى عذارى إما داخل الثمرة تحت القشرة، أو تسقط على الأرض لتتحول العذارى في 8 إلى 10 أيام الى حشرات يافعة كاملة وهي أقل غمقا من لون البالغين الناضجين. بعد بضع ساعات من تجفف أجنحتها تصبح الحشرات البالغة قادرة على الطيران.
وبعد يومين من الظهور تستطيع الحشرات البالغة التزاوج، لتبدأ الإناث في وضع البيض من ثلاثة الى أربعة أيام، فيما يتغير عدد أجيال الذبابة حسب المناخ، وحالة الشجرة، وتاريخ الجني.
ومن المرجح أن تصل أعداد أجيال الحشرات من اثنين إلى خمسة أجيال متداخلة فيما بينها حسب السنوات وحسب المناطق.
أما في المغرب فيستمر كل جيل ما بين 31 الى 40 يوما، و يختلف وقت ظهور الحشرات الكاملة لذبابة الزيتون وبداية إحداث الإصابات وذلك حسب المناطق وحجم الثمار، حيث تزداد شدة الإصابة كلما ازداد حجم الثمار.
الأضرار الناجمة عن الإصابة بـ”ذبابة شجرة الزيتون”
رصدت الخلاصات المنجزة من قبل “يامنة أكاس”، الباحثة في معهد “INRA”، بعض ملامح تعرض ثمار أشجار الزيتون لهجوم ذبابة ” Oleae Bactrocera”، إذ أنه وبعد عملية الوخز أثناء وضع البيض تظهر نقط سوداء على ثمار الزيتون وأثناء تغدية اليرقات على لب الثمار تتعفن هذه الأخيرة نتيجة تلوث الأنفاق التي حفرتها اليرقات بالبكتيريا والفطريات، بينما تصبح أماكن الإصابة على الثمار رخوة ورطبة مما يؤدي الى سقوط الثمار وفقدان قيمتها السوقية.
وبشان الثمار المصابة والتي تبقى على الشجرة فينقص وزنها مما يضعف إنتاج الشجرة بالمقارنة مع إنتاج الأشجار السليمة.
أما بالنسبة للزيوت المستخلصة من الثمار المصابة فان نسبة الحموضة فيها تكون مرتفعة مما يؤثر سلبا على المميزات الذوقية للثمار المصابة والتي يمكن كشفها عن طريق التذوق، علما أنه لا يمكن تسويق ثمار المائدة إذا تجاوزت نسبة الإصابة 2 في المائة.
كيف السبيل إلى مكافحة آفة “ذبابة شجرة الزيتون”؟
أرسى “المعهد الوطني للبحث الزراعي” توصيات، من أجل مكافحة ذبابة ” Oleae Bactrocera”، وقد أكد على ضرورة مراعاة:
• قراءة الفخاخ الجنسية (الفيرومون): تتيح الفخاخ معرفة بداية خروج الحشرات البالغة مما يسهم في عملية الانذار الزراعي. يتم وضع من اثنين إلى ثلاثة مصائد لكل هكتار خلال شهري يونيو أو يوليوز حسب السنة مع تغيير كبسولة الفيرومون بعد أربعة أسابيع من الوضع. يتم الوصول إلى عتبة العلاج عندما يتم اصطياد من اثنين إلى ثلاث ذبابات بكل مصيدة خلال أسبوع واحد.
• العوامل المناخية السائدة: درجات الحرارة المرتفعة والرطوبة المنخفضة تقللان من أعداد الحشرات.
• تشريح الثمار لتقدير الإصابة النشطة ومعرفة مرحلة الحشرة. العتبة التي تبرر التدخل العلاجي تقدر بحوالي 51 في المائة ، أي 51 يرقة حية لكل 100 ثمرة تم فحصها.
• صنف الزيتون، تفضل ذبابة ثمار الزيتون الأصناف كبيرة الحجم، وذات النضج المبكر.
• حمولة شجرة الزيتون من الثمار خلال السنوات الموجبة أو السالبة.
وفيما يلي برنامج المكافحة المتكاملة لذبابة ثمار الزيتون
1ـ العمليات الزراعية والطرق الميكانيكية
• قلب الأرض بعد الجني للقضاء على الشرانق في الأرض
• التقليم الصحيح أي تعريض الشجرة لأشعة الشمس مما يسهم في التخفيف من نسبة الإصابة
• التسميد المتوازن الذي يقوي مقاومة الأشجار
• تنظيف بساتين الزيتون من الثمار المتساقطة المصابة للحد من تكاثر الأجيال في المستقبل
2 ـ تقنية التفخيخ الجماعي لذبابة الزيتون تعتمد الطريقة مبدأ عدم استخدام المبيدات الحشرية باستعمال مصائد الطعام التي تحتوي على محلول للأسمدة النيتروجينية. تمكن هذه التقنية من تخفيض أعداد كبيرة من الحشرات البالغة. مع خاصية عدم التمييز بين الذكور والإناث.
المعدات المستخدمة وعملية تثبيت الفخاخ
• قنينات بلاستيكية للمياه المعدنية من سعة 1 إلى 1.5 لتر، تحمل 3 إلى 4 فتحات قطر كل واحدة منها 3 مم؛
• خيوط لربط القنينات على الأشجار؛
• إعداد محلول من الأسمدة المعدنية بنسبة 5% من كبريتات الأمونيوم أو أمونيترات ( 5 كلغ من هذه الأسمدة في 100 لتر من الماء) ؛
• تركيب الفخاخ على الأشجار على مستوى طول الانسان البالغ بمعدل مصيدة واحدة لكل شجرة (فعالية أكثر) أو مصيدة لكل شجرتين؛
• إعادة نفس العملية بمجرد تبخر الماء؛
• وقت تثبيت الفخاخ: ما بين شهر يونيو أو يوليوز حسب السنوات إلى غاية بلوغ فترة الجني..
ولفتت الدراسة المنشورة في مطوية صادرة عن “المعهد الوطني للبحث الزراعي، الانتباه إلى أنه ورغم تطلب عملية تثبيت الفخاخ لليد العاملة، فهي تتميز بالسهولة في الإعداد، كما تمكن من الاقتصاد في استخدام المبيدات الحشرية، إذ أن تكلفة العلاج تقدر بـ 145 درهم للهكتار مقارنة بالمعالجة بالأدوية الكيماوية والتي تقدر كلفتها بـ 300 درهم دون احتساب الجوانب السلبية لهذه الأخيرة
. 3 – المكافحة البيولوجية باستعمال الطين
تستخدم هذه التقنية على نطاق واسع في زراعة الزيتون العضوية والتي تتضمن استخدام محلول من الطين ؛ الكاولينيت المكلس، المخفف بالماء ويمكن تطبيقه على الأوراق والفواكه باستخدام الرذاذ. المبدأ من العملية هو إنشاء حاجز مادي على الزيتون لمنع الذباب من وضع البيض والتغذية على ثمار الزيتون.
ويجري القيام بهذا العلاج منذ أول ظهور للحشرات البالغة والتي يتم رصدها بالاعتماد على مصائد الفيرومون. يتم أول تطبيق باستعمال 50 كلغ في الهكتار من أجل تغطية جيدة، ويتم تجديد عملية التغطية بمجرد أن تصبح الفاكهة غير مكسوة بطلاء الطين ” الكاولينيت المكلس”، وذلك إما بسبب الأمطار أو بسبب تأثير الرياح أو نتيجة نمو ثمار الزيتون.
بالإضافة إلى فعالية المعالجة بالطين والتي قد تصل إلى 70 حتى 80 في المائة، مناسبة إذا جرى الاقتصار على تطبيق واحد: 150 درهم للهكتار.
لكن، وللحصول على حماية جيدة، تظهر الحاجة إلى إعمال على الأقل من اثنين إلى ثلاث تطبيقات في السنة خصوصا عندام تكون نسبة الإصابة مرتفعة.
. 4 – المكافحة الكيميائية
التدخل الوقائي
قبل وضع الحشرة للبيض يستخدم الرش الجزئي على الأشجار وذلك بمعالجة صف واحد من بين 3 صفوف بالمبيد المرخص أو المادة الجاذبة (هيدروليزا البروتينات).
وتساعد هذه العملية في عقلنة استعمال المبيدات والحفاظ على الحشرات النافعة وكذلك على البيئة. والعتبة الاقتصادية للتدخل تكون عند اصطياد أول ذبابة بالنسبة لزيتون المائدة وبنسبة 2 إلى 3 ذبابات في كل مصيدة في الأسبوع بالنسبة للزيتون الموجه لاستخلاص الزيت.
التدخل العلاجي
عندما يجري الوصول إلى عتبة التدخل الاقتصادي (بمعدل 2 إلى 3 حشرات بالغة في المصيدة في الأسبوع أو 15٪ من الثمار بيرقات حية)، يوصى بإجراء معالجة عامة لأشجار الزيتون باستخدام أحد المبيدات المرخصة.
في حالة الإصابة الشديدة وإذا لم يتم تعميم المعالجة في المنطقة المصابة، يضطر المزارعون إلى تكرار العلاج للتقليل من هذه الاصابة. لهذا يوصى بمراجعة البوابة الالكترونية الخاصة بالمكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية وفهارس الصحة النباتية المتعلقة بحماية النباتات لاختيار المبيدات الحشرية المعتمدة وطرق استخدامها.